السبت، ديسمبر 08، 2007

مقدمة فى الأدب

أحب قراءة مقدمات الكتب. أجد فيها الكثير مما أفتقده من المعلومات الأساسية لا سيما إن كان فى كتاب علم عربيا كان أم أفرنجيا، و لقد عثرت على هذه المقدمة فى كتاب أدب لمحدث يقدم فى المقدمة نبذة قل أن نقرأها قبل مطالعة آداب العربية فى المدرسة لا و لا قبل قراءة روايات الأدب الحديث و أشعاره، تمنياتى بالفائدة و المتعة

تمهيد فى مبادئ علم الأدب(*)

الأدب عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ و هو قسمان طبعىٌّ و كسبىٌّ فالطبعىُّ ما فطر عليه الإنسان من الأخلاق الحسنة و الصفات المحمودة كالكرم و الحلم – و الكسبىُّ ما اكتسبه بالدرس و الحفظ و النظر و هو المقصود لنا فى هذا الكتاب فحينئذٍ يعرَّف بأنه علم صناعى تُعرف به أساليب الكلام البليغ فى كل حال من أحواله: و هو المدعو بعلم الأدب.
و موضوعه الكلام المنظوم و المنثور من حيث فصاحته و بلاغته.
و غايته الإجادة فى فنَّى المنظوم و المنثور على أساليب العرب و تهذيب العقل و تزكية الجنان، و فائدته أنه يعصم صاحبه من زلة الجهل و أنه يروض الأخلاق و يلين الطبائع و أنه يعين على المروءة و ينهض بالهمم إلى طلب المعالى و الأمور الشريفة.
(وأركانه أربعة) الأول: قُوى العقل الغريزية و هى خمسة: الذكاء(1) و الخيال(2) و الحافظة(3) و الحس(4) و الذوق(5).

الثانى: معرفة الأصول و هى مجموع قوانين الكتابة و فيها تبيان طرق حسن التأليف و ضروب الإنشاء و فنون الخطابة.
و تنقسم هذه الأصول إلى قسمين عامة و خاصة (فالعامة) كالتآليف الأدبية من منظوم و منثور فى أغراض شتى (والخاصة) كالتآليف المفردة بالرسائل أو بالأمثال.

الثالث: مطالعة تصانيف البلغاء بالتأنى و التبصر فيها ليدخر الكاتب كل لفظ مؤنق شريف و كل معنى بديع بحيث يتصرف بهما عند الضرورة.
و شروطها ثلاثة: الأول: أن يستقل المطالع ببعض علماء اللغة و أئمة الأدب فيقتصر على درسهم حتى ينسج على منوالهم. الثانى: أن يطيل النظر فى هذه المطالعة و يردد مرارا ما استحسنه من تصانيفهم كى يروض الذهن فى حلبة(6) سباقهمفيقف على غريب أسلوبهم و عجيب تركيبهم. الثالث: أن ينتقى منها شيئا مما استجاده (7) من اللفظ الحر و التراكيب الصحيحة و المعانى البليغة لتكون ذخرا لذاكرته و مهمازا(8) لقريحته.
الرابع: الارتياض و هو التدرب بوجوه الإنشاء بأن تتوسع فى شرح بعض المعانى فتبينه بأوجه شتى و تنمقه بأشكال البديع و بأن تجتهد فى وضع بعض مواضيع وجيزة فتصوغ تارة وصف مدينة أو مدحا أو تهنئة و أخرى تسرد مثلا أو تسبك رواية إلى غير ذلك و أن تحذو حذو المتقدمين فى أوضاعهم باستعمال ألفاظهم و معانيهم و بأن تَحُلّ النظم فتأتى به نثرا أنيقا(9) و تعقد النثر فتصوغه صوغا رشيقا(10).
 (*) جواهرالأدب فى أدبيات و إنشاء لغة العرب لأحمد بن إبراهيم بن مصطفى الهاشمى الأزهرى المصرى المتوفى عام 1943م –طبعة دار إحياء التراث العربى بيروت- ط 1999م- ص15-16 ।
(1) الاستعداد التام لإدراك العلوم والمعارف بالفكر و فى كتب اللغة الذكاء عبارة عن حدة الفؤاد و سرعة الفطنة.
(2) قوة باطنة تحفظ صور المحسوسات بعد غيبوبة المادة و هو من أكبر أسباب النجاح فى فن الكتابة.
(3) قوة من شأنها حفظ ما يدركه العقل من المعانى فتذكره عند الحاجة و لذلك سميت ذاكرة.
(4) قوة يتأثر بها الإنسان فى صور المدركات كاللذة و الألم و هو من شروط الكتابة إذ يعين الكاتب بما يحدث فيه من التأثير على رسم صور المحسوسات رسما محكما فيقتدر إذ ذاك على تحريك العواطف و استمالة القلوب ألا ترى أن الكلام العذب إذا حل فى القلب حدث فيه حركة و هزة.
(5) قوة غريزية لها اختصاص بإدراك لطائف الكلام و محاسنه الخفية و تحصل بالمثابرة على الدرس و بالممارسة لكلام البلغاء و تكراره على السمع و التفطن لخواص معانيه و تراكيبه و بتنزيه العقل و القلب عما يفسد الأخلاق و الآداب.
(6) الميدان (7)وجده جيدا (8)حديدة تكون فى مؤخر خف الرائض للمهر
(9)معجبا (10) حسنا






ليست هناك تعليقات: