الأحد، سبتمبر 07، 2008

نور الدين محمود الشهيد

فصل في وفاة الملك نور الدين محمود زنكي وذكر شئ من سيرته العادلة *

هو الملك العادل نور الدين أبو القاسم محمود بن الملك الاتابك قسيم الدولة عماد الدين أبي سعيد زنكي الملقب بالشهيد بن الملك آقسنقر الاتابك الملقب بقسيم الدولة التركي السلجوقي مولاهم، ولد وقت طلوع الشمس من يوم الاحد السابع عشر من شوال سنة إحدى عشرة وخمسمائة بحلب، ونشأ في كفالة والده صاحب حلب والموصل وغيرهما من البلدان الكثيرة الكبيرة، وتعلم

القرآن والفروسية والرمي، وكان شهما شجاعا ذا همة عالية، وقصد صالح، وحرمة وافرة وديانة بينة، فلما قتل أبوه سنة إحدى وأربعين وهو محاصر جعبر كما ذكرنا، صار الملك بحلب إلى ابنه نور الدين هذا، وأعطاه أخوه سيف الدين غازي الموصل، ثم تقدم، ثم افتتح دمشق في سنة تسع وأربعين فأحسن إلى أهلها وبنى لهم المدارس والمساجد والربط، ووسع لهم الطرق على المارة، وبنى عليها الرصافات ووسع الاسواق، ووضع المكوس بدار الغنم والبطيخ والعرصد، وغير ذلك، وكان حنفي المذهب يحب العلماء والفقراء ويكرمهم ويحترمهم، ويحسن إليهم، وكان يقوم في أحكامه بالمعدلة الحسنة، واتباع الشرع المطهر، ويعقد مجالس العدل ويتولاها بنفسه، ويجتمع إليه في ذلك القاضي والفقهاء والمفتيون من سائر المذاهب، ويجلس في يوم الثلاثاء بالمسجد المعلق، الذي بالكشك، ليصل إليه كل واحد من المسلمين وأهل الذمة، حتى يساويهم، وأحاط السور على حارة اليهود، وكان خرابا، وأغلق باب كسان وفتح باب الفرج، ولم يكن هناك قبله باب بالكلية، وأظهر ببلاده السنة وأمات البدعة، وأمر بالتأذين بحي على الصلاة حي على الفلاح، ولم يكن يؤذن بهما في دولتي أبيه وجده، وإنما كان يؤذن بحي على خير العمل لان شعار الرفض كان ظاهرا بها، وأقام الحدود وفتح الحصون، وكسر الفرنج مرارا عديدة، واستنقذ من أيديهم معاقل كثيرة من الحصون المنيعة التي كانوا قد استحوذوا عليها من معاقل المسلمين، كما تقدم بسط ذلك في السنين المتقدمة، وأقطع العرب إقطاعات لئلا يتعرضوا للحجيج، وبنى بدمشق مارستانا لم يبن في الشام قبله مثله ولا بعده أيضا، ووقف وقفا على من يعلم الايتام الخط والقراءة، وجعل لهم نفقة وكسوة، وعلى المجاورين بالحرمين وله أوقاف دارة على جميع أبواب الخير، وعلى الارامل والمحاويج، وكان الجامع داثرا فولى نظره القاضي كمال الدين محمد بن عبد الله الشهزوري الموصلي، الذي قدم به فولاه قضاء قضاة دمشق، فأصلح أموره وفتح المشاهد الاربعة، وقد كانت حواصل الجامع بها من حين احترقت في سنة إحدى وستين وأربعمائة، وأضاف إلى أوقاف الجامع المعلومة الاوقاف التي لا يعرف واقفوها، ولا يعرف شروطهم فيها، وجعلها قلما واحدا، وسمى مال المصالح، ورتب عليه لذوي الحاجات والفقراء والمساكين والارامل والايتام وما أشبه ذلك.

وقد كان رحمه الله حسن الخط كثير المطالعة للكتب الدينية، متبعا للآثار النبوية، محافظا على الصلوات في الجماعات، كثير التلاوة محبا لفعل الخيرات، عفيف البطن والفرج مقتصدا في الانفاق على نفسه وعياله في المطعم والملبس، حتى قيل: إنه كان أدنى الفقراء في زمانه أعلا نفقة منه من غير اكتناز ولا استئثار بالدنيا، ولم يسمع منه كلمة فحش قط، في غضب ولا رضى، صموتا وقورا.

قال ابن الاثير: لم يكن بعد عمر بن عبد العزيز مثل الملك نور الدين، ولا أكثر تحريا للعدل والانصاف منه، وكانت له دكاكين بحمص قد اشتراها مما يخصه من المغانم، فكان يقتات منها، وزاد امرأته من كراها على نفقتها عليها، واستفتى العلماء في مقدار ما يحل له من بيت المال فكان يتناوله ولا يزيد عليه شيئا، ولو مات جوعا، وكان يكثر اللعب بالكرة فعاتبه رجل من كبار الصالحين في ذلك فقال: إنما الاعمال بالنيات، وإنما أريد بذلك تمرين الخيل على الكر والفر، وتعليمها ذلك، ونحن لا نترك الجهاد، وكان لا يلبس الحرير، وكان يأكل من كسب يده بسيفه ورمحه، وركب يوما مع بعض أصحابه والشمس في ظهورهما والظل بين أيديهما لا يدركانه ثم رجعا فصار الظل وراءهما ثم ساق نور الدين فرسه سوقا عنيفا وظله يتبعه، فقال لصاحبه: أتدري ما شبهت هذا الذي نحن فيه ؟ شبهته بالدنيا تهرب ممن يطلبها، وتطلب من يهرب منها، وقد أنشد بعضهم في هذا المعنى:

مثل الرزق الذي تطلبه مثل الظل يمشي معك

أنت لا تدركه مستعجلا فإذا وليت عنه تبعك

وكان فقيها على مذهب أبي حنيفة، وسمع الحديث وأسمعه، وكان كثير الصلاة بالليل من وقت السحر إلى أن يركب:

جمع الشجاعة والخشوع لديه ما أحسن الشجعان في المحراب وكذلك كانت زوجته عصمت الدين خاتون بنت الاتابك معين الدين تكثر القيام في الليل

فنامت ذات ليلة عن وردها فأصبحت وهي غضبى، فسألها نور الدين عن أمرها فذكرت نومها الذي فوت عليها وردها، فأمر نور الدين عند ذلك بضرب طبلخانة في القلعة وقت السحر لتوقظ النائم ذلك الوقت لقيام الليل، وأعطى الضارب على الطبلخانة أجرا جزيلا، وجراية كثيرة.

فألبس الله هاتيك العظام وإن بلين تحت الثرى عفوا وغفرانا

سقى ثرى أودعوه رحمة ملات مثوى قبورهم روحا وريحانا وذكر ابن الاثير: أن الملك نور الدين بينما هو ذات يوم يلعب بالكرة إذ رأى رجلا يحدث آخر ويومئ إلى نور الدين، فبعث الحاجب ليسأله ما شأنه، فإذا هو رجل معه رسول من جهة الحاكم، وهو يزعم أن له على نور الدين حقا يريد أن يحاكمه عند القاضي، فلما رجع الحاجب إلى نور الدين وأعلمه بذلك ألقى الجوكان من يده، وأقبل مع خصمه ماشيا إلى القاضي الشهرزوري، وأرسل نور الدين إلى القاضي أن لا تعاملني إلا معاملة الخصوم، فحين وصلا وقف نور الدين مع خصمه بين يدي القاضي، حتى انفصلت الخصومة والحكومة، ولم يثبت للرجل على نور الدين حق، بل ثبت الحق للسلطان على الرجل، فلما تبين ذلك قال السلطان إنما جئت معه لئلا يتخلف أحد عن الحضور إلى الشرع إذا دعي إليه، فإنما نحن معاشر الحكام أعلانا وأدنانا شجنكية لرسول الله صلى الله على وسلم ولشرعه فنحن قائمون بين يديه طوع مراسيمه، فما أمر به امتثلناه، وما نهانا عنه اجتنبناه، وأنا أعلم أنه لا حق للرجل عندي، ومع هذا أشهدكم أني قد ملكته ذلك الذي ادعى به ووهبته له.

قال ابن الاثير: وهو أول من ابتنى دارا للعدل، وكان يجلس فيها في الاسبوع مرتين، وقيل أربع مرات، وقيل خمس.

ويحضر القاضي الفقهاء من سائر المذاهب، ولا يحجبه يومئذ حاجب ولا غيره بل يصل إليه القوي والضعيف، فكان يكلم الناس ويستفهمهم ويخاطبهم بنفسه، فيكشف المظالم، وينصف المظلوم من الظالم، وكان سبب ذلك أن أسد الدين شيركوه بن شادي كان قد عظم شأنه عند نور الدين، حتى صار كأنه شريكه في المملكة، واقتنى الاملاك والاموال والمزارع

والقرى، وكان ربما ظلم نوابه جيرانه في الاراضي والاملاك العدل، وكان القاضي كمال الدين ينصف كل من استعداه على جميع الامراء إلا أسد الدين هذا فما كان يهجم عليه، فلما ابتنى نور الدين دار العدل تقدم أسد الدين إلى نوابه أن لا يدعوا لاحد عنده ظلامة، وإن كانت عظيمة، فإن زوال ماله عنده أحب إليه من أن يراه نور الدين بعين ظالم، أو يوقفه مع خصم من العامة، ففعلوا ذلك، فلما جلس نور الدين بدار العدل مدة متطاولة ولم ير أحدا يستعدي على أسد الدين، سأل القاضي عن ذلك فأعلمه بصورة الحال، فسجد نور الدين شكرا لله، وقال الحمد لله الذي أصحابنا ينصفون من أنفسهم وأما شجاعته فيقال: إنه لم ير على ظهر فرس قط أشجع ولا أثبت منه، وكان حسن اللعب بالكرة وكان ربما ضربها ثم يسوق وراءها ويأخذها من الهوى بيده، ثم يرميها إلى آخر الميدان، ولم ير جوكانه يعلو على رأسه، ولا يرى الجوكان في يده، لان الكم ساتر لها، ولكنه استهانة بلعب الكرة وكان شجاعا صبورا في الحرب، يضرب المثل به في ذلك، وكان يقول: قد تعرضت للشهادة غير مرة فلم يتفق لي ذلك، ولو كان في خير ولي عند الله قيمة لرزقنيها، والاعمال بالنية.

وقال له يوما قطب الدين النيسابوري: بالله يا مولانا السلطان لا تخاطر بنفسك، فإنك لو قتلت قتل جميع من معك، وأخذت البلاد، وفسد حال المسلمين.

فقال: له اسكت يا قطب الدين فإن قولك إساءة أدب على الله، ومن هو محمود ؟ من كان يحفظ الدين والبلاد قبلي غير الذي لا إله إلا هو ؟ ومن هو محمود ؟ قال فبكى من كان حاضرا رحمه الله.

وقد أسر بنفسه في بعض الغزات بعض ملوك الافرنج فاستشار الامراء فيه هل يقتله أو يأخذ ما يبذل من المال ؟ وكان قد بذل له في فداء نفسه مالا كثيرا، فاختلفوا عليه ثم حسن في رأيه إطلاقه وأخذ الفداء منه، فبعث إلى بلده من خلاصته من يأتيه بما افتدى به نفسه، فجاء به سريعا فأطلقه نور الدين، فحين وصل إلى بلاده مات ذلك الملك ببلده، فأعجب ذلك نور الدين وأصحابه، وبنى من ذلك المال المارستان الذي بدمشق، وليس له في البلاد نظير، ومن شرطه أنه على الفقراء والمساكين وإذا لم يوجد بعض الادوية التي يعز وجودها إلى فيه فلا يمنع منه الاغنياء، ومن

جاء إليه فلا يمنع من شرابه، ولهذا جاء إليه نور الدين وشرب من شرابه رحمه الله.

قلت: ويقول بعض الناس إنه لم تخمد منه النار منذ بني إلى زماننا هذا فالله أعلم.

وقد بنى الخانات الكثيرة في الطرقات والابراج، ورتب الخفراء في الاماكن المخوفة، وجعل فيها الحمام الهوادي التي تطلعه على الاخبار في أسرع مدة، وبنى الربط والخانقات، وكان يجمع الفقهاء عنده والمشايخ والصوفية ويكرمهم ويعظمهم وكان يحب الصالحين، وقد نال بعض الامراء مرة عنده من بعض الفقهاء، وهو قطب الدين النيسابوري، فقال له نور الدين: ويحك إن كان ما تقول حقا فله من الحسنات الكثيرة الماحية لذلك ما ليس عندك مما يكفر عنه سيئات ما ذكرت إن كنت صادقا، على أني والله لا أصدقك، وإن عدت ذكرته أو أحدا غيره عندي بسوء لاوذينك، فكف عنه ولم يذكره بعد ذلك.

وقد ابتنى بدمشق دارا لاستماع الحديث وإسماعه.

قال ابن الاثير: وهو أول من بنى دار حديث، وقد كان مهيبا وقورا شديد الهيبة في قلوب الامراء، لا يتجاسر أحد أن يجلس بين يديه إلا بإذنه، ولم يكن أحد من الامراء يجلس بلا إذن سوى الامير نجم الدين أيوب، وأما أسد الدين شيركوه ومجد الدين بن الداية نائب حلب، وغيرهما من الاكابر فكانوا يقفون بين يديه، ومع هذا كان إذا دخل أحد من الفقهاء أو الفقراء قام له ومشى خطوات وأجلسه معه على سجادته في وقار وسكون، وإذا أعطى أحدا منهم شيئا مستكثرا يقول: هؤلاء جند الله وبدعائهم ننصر على الاعداء، ولهم في بيت المال حق أضعاف ما أعطيهم، فإذا رضوا منا ببعض حقهم فلهم المنة علينا.

وقد سمع عليه جزء حديث وفيه " فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم متقلدا السيف " فجعل يتعجب من تغيير عادات الناس لما ثبت عنه عليه السلام، وكيف يربط الاجناد والامراء على أوساطهم ولا يفعلون كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أمر الجند بأن لا يحملوا السيوف إلا متقلديها، ثم خرج هو في اليوم الثاني إلى الموكب وهو متقلد السيف وجميع الجيش كذلك، يريد بذلك الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فرحمه الله.

وقص عليه وزيره موفق الدين خالد بن محمد بن نصر القيسراني الشاعر أنه رأى في منامه كأنه يغسل ثياب الملك نور الدين، فأمره بأن يكتب مناشير بوضع المكوس والضرائب عن البلاد، وقال له

هذا تأويل رؤياك.

وكتب إلى الناس ليكون منهم في حل مما كان أخذ منهم، ويقول لهم إنما صرف ذلك في قتال أعدائكم من الكفرة والذب عن بلادكم ونسائكم وأولادكم.

وكتب بذلك إلى سائر ممالكه وبلدان سلطانه، وأمر الوعاظ أن يستحلوا له من التجار، وكان يقول في سجوده: اللهم ارحم المكاس العشار الظالم محمود الكلب، وقيل إن برهان الدين البلخي أنكر على الملك نور الدين في استعانته في حروب الكفار بأموال المكوس، وقال له مرة: كيف تنصرون وفي عساكركم الخمور والطبول والزمور ؟ ويقال إن سبب وضعه المكوس عن البلاد أن الواعظ أبا عثمان المنتخب بن أبي محمد الواسطي - وكان من الصالحين الكبار، وكان هذا الرجل ليس له شئ ولا يقبل من أحد شيئا، إنما كانت له جبة يلبسها إذا خرج مجلس وعظه، وكان يجتمع في مجلس وعظه الالوف من الناس - أنشد نور الدين أبياتا تتضمن ما هو متلبس به في ملكه، وفيها تخويف وتحذير شديد له:

مثل وقوفك أيها المغرور يوم القيامة والسماء تمور

إن قيل نور الدين رحت مسلما فاحذر بأن تبقى وما لك نور

أنهيت عن شرب الخمور وأنت في كأس المظالم طائش مخمور

عطلت كاسات المدام تعففا وعليك كاسات الحرام تدور

ماذا تقول إذا نقلت إلى البلى فردا وجاءك منكر ونكير ؟

ماذا تقول إذا وقفت بموقف فردا ذليلا والحساب عسير ؟

وتعلقت فيك الخصوم وأنت في يوم الحساب مسلسل مجرور

وتفرقت عنك الجنود وأنت في ضيق القبور موسد مقبور

ووددت أنك ما وليت ولاية يوما ولا قال الانام أمير

وبقيت بعد العز رهن حفيرة في عالم الموتى وأنت حقير

وحشرت عريانا حزينا باكيا قلقا وما لك في الانام مجير

أرضيت أن تحيا وقلبك دارس عافى الخراب وجسمك المعمور

أرضيت أن يحظى سواك بقربه أبدا وأنت معذب مهجور

مهد لنفسك حجة تنجو بها يوم المعاد ويوم تبدو العور

فلما سمع نور الدين هذه الابيات بكى بكاء شديدا، وأمر بوضع المكوس والضرائب في سائر البلاد.

وكتب إليه الشيخ عمر الملا من الموصل - وكان قد أمر الولاة والامراء بها أن لا يفصلوا بها أمرا حتى يعلموا الملا به، فما أمرهم به من شئ امتثلوه، وكان من الصالحين الزاهدين، وكان نور الدين يستقرض منه في كل رمضان ما يفطر عليه، وكان يرسل إليه بفتيت ورقاق فيفطر عليه جميع رمضان - فكتب إليه الشيخ عمر بن الملا هذا: إن المفسدين قد كثروا، ويحتاج إلى سياسة ومثل هذا الا يجئ إلا بقتل وصلب وضرب، وإذا أخذ إنسان في البرية من يجئ يشهد له ؟ فكتب إليه الملك نور الدين على ظهر كتابه: إن الله خلق الخلق وشرع لهم شريعة وهو أعلم بما يصلحهم، ولو علم أن في الشريعة زيادة في المصلحة لشرعها لنا، فلا حاجة بنا إلى الزيادة على ما شرعه الله تعالى فمن زاد فقد زعم أن الشريعة ناقصه فهو يكملها بزيادته، وهذا من الجرأة على الله وعلى ما شرعه، والعقول المظلمة لا تهتدي، والله سبحانه يهدينا وإياك إلى صراط مستقيم.

فلما وصل الكتاب إلى الشيخ عمر الملا جمع الناس بالموصل وقرأ عليهم الكتاب وجعل يقول: انظروا إلى كتاب الزاهد إلى الملك، وكتاب الملك إلى الزاهد.

وجاء إليه أخو الشيخ أبي البيان يستعديه على رجل أنه سبه ورماه بأنه يرائي وأنه وأنه، وجعل يبالغ في الشكاية عليه، فقال له السلطان: أليس الله تعالى يقول: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) [ الفرقان: 63 ] وقال (وأعرض عن الجاهلين) [ الاعراف: 199 ] فسكت الشيخ ولم يحر جوابا.

وقد كان نور الدين يعتقده ويعتقد أخاه أبا البيان، وأتاه زائرا مرات، ووقف عليه وقفا.

وقال الفقيه أبو الفتح الاشري معيد النظامية ببغداد، وكان قد جمع سيرة مختصرة لنور الدين، قال: وكان نور الدين محافظا على الصلوات في أوقاتها في جماعة بتمام شروطها والقيام بها بأركانها والطمأنينة في ركوعها وسجودها، وكان كثير الصلاة بالليل، كثير الابتهال في الدعاء والتضرع إلى الله عزوجل في أموره كلها.

قال: وبلغنا عن جماعة من الصوفية ممن يعتمد على قولهم أنهم دخلوا بلاد القدس للزيارة أيام أخذ القدس الفرنج فسمعهم يقولون: إن القسيم ابن القسيم - يعنون نور الدين - له مع الله سر، فإنه لم يظفر وينصر علينا بكثرة جنده وجيشه، وإنما يظفر علينا وينصر بالدعاء وصلاة الليل، فإنه يصلي بالليل ويرفع يده إلى الله ويدعو فإنه يستجيب له ويعطيه سؤله فيظفر علينا.

قال: فهذا كلام الكفار في حقه.

وحكى الشيخ أبو شامة أن نور الدين وقف بستان الميدان سوى الغيضة التي تليه نصفه على تطييب جامع دمشق، والنصف الآخر يقسم عشرة أجزاء جزآن على تطييب المدرسة التي أنشأها للحنفية، والثمانية أجزاء الاخرى على تطييب المساجد التسعة، وهي مسجد الصالحين بجبل قيسون وجامع القلعة، ومسجد عطية، ومسجد ابن لبيد بالعسقار، ومسجد الرماحين المعلق، ومسجد العباس بالصالحية، ومسجد دار البطيخ المعلق، والمسجد الذي جدده نور الدين جوار بيعة اليهود، لكل من هذه المساجد جزء من إحدى عشر جزء من النصف.

ومناقبه ومآثره كثيرة جدا.

وقد ذكرنا نبذة من ذلك يستدل بها على ما وراءها.

وقد ذكر الشيخ شهاب الدين في أول الروضتين كثيرا من محاسنه، وذكر ما مدح به من القصائد، وذكر أنه لما فتح أسد الدين الديار المصرية ثم مات، ثم تولى صلاح الدين هم بعزله عنها واستنابة غيره فيها غير مرة، ولكن يعوقه عن ذلك ويصده قتال الفرنج، واقتراب أجله، فلما كان في هذه السنة - وهي سنة تسع وستين وخمسمائة - وهي آخر مدته، أضمر على الدخول إلى الديار المصرية وصمم عليه، وأرسل إلى عساكر بلاد الموصل وغيرها ليكونوا ببلاد الشام حفظا لها من الفرنج في غيبته ويركب هو في جمهور الجيش إلى مصر، وقد خاف منه الملك صلاح الدين خوفا شديدا، فلما كان يوم عيد الفطر من هذه السنة ركب إلى الميدان الاخضر القبلي وصلى فيه صلاة عيد الفطر، وكان ذلك نهار الاحد، ورمى القبق (1) في الميدان الاخضر الشمالي، والقدر يقول له: هذا آخر أعيادك، ومد في ذلك اليوم سماطا حافلا، وأمر بانتهابه، وطهر ولده الملك الصالح إسماعيل في هذا اليوم، وزينت له البلد، وضربت البشائر للعيد والختان، ثم ركب في يوم الاثنين وأكب على العادة ثم لعب بالكرة في ذلك اليوم، فحصل له غيظ من بعض الامراء - ولم يكن ذلك من سجيته - فبادر إلى القلعة وهو كذلك في غاية الغضب، وانزعج ودخل في حيز سوء المزاج، واشتغل بنفسه وأوجاعه، وتنكرت عليه جميع حواسه وطباعه، واحتبس أسبوعا عن الناس، والناس في شغل عنه بما هم فيه من اللعب والانشراح في الزينة التي نصبوها لاجل طهور ولده، فهذا يجود بروحه، وهذا يجود بموجوده، سرورا بذلك، فانعكست تلك الافراح بالاتراح، ونسخ الجد ذلك المزاح، وحصلت للملك خوانيق في حلقه منعته من النطق، وهذا شأن أوجاع الحلق، وكان قد أشير عليه بالفصد فلم يقبل، وبالمبادرة إلى المعالجة فلم يفعل، وكان أمر الله قدرا مقدورا.

فلما كان يوم الاربعاء الحادي عشر من شوال من هذه السنة قبض إلى رحمة الله تعالى عن ثمان وخمسين سنة، مكث منها في الملك ثمان وعشرين سنة رحمه الله، وصلي عليه بجامع القلعة بدمشق، ثم حول إلى تربته التي أنشأها للحنفية بين باب الخواصين، وباب الخيميين على الدرب، وقبره بها يزار، ويحلق بشباكه، ويطيب ويتبرك به كل مار، فيقول قبر نور الدين الشهيد، لما حصل له في حلقه من الخوانيق، وكذا كان يقال لابنه الشهيد ويلقب بالقسيم، وكانت الفرنج تقول له القسيم ابن القسيم.

وقد رثاه الشعراء بمراث كثيرة قد أوردها أبو شامة، وما أحسن ما قاله العماد:

عجبت من الموت لما أتى إلى ملك في سجايا ملك وكيف ثوى الفلك المستد ير في الارض وسط فلك وقال حسان الشاعر الملقب بالعرقلة في مدرسة نور الدين لما دفن بها رحمه الله تعالى:

ومدرسة ستدرس كل شئ وتبقى في حمى علم ونسك

تضوع ذكرها شرقا وغربا بنور الدين محمود بن زنكي يقول وقوله حق وصدق بغير كناية وبغير شك دمشق في المدائن بيت ملكي وهذي في المدارس بنت ملكى

صفة نور الدين رحمه الله تعالى كان طويل القامة أسمر اللون حلو العينين واسع الجبين، حسن الصورة، تركي الشكل، ليس له لحية إلا في حنكه، مهيبا متواضعا عليه جلالة ونور، يعظم الاسلام وقواعد الدين، ويعظم الشرع.

*(البداية و النهاية لابن كثير(الجزء12)- منقول من المكتبة الشاملة)

(1) من الروضتين 1 / 2 / 579 وفي الاصل: العتق.

ولعبة القبق نوع من التدريب على الرماية، وهي من ألعاب الفروسية، وطريقتها نصب صار طويل من الخشب في رأسه شكل قرعة (وهو أصل معنى قبق) بمثابة الهدف ويوضع به حمام، ثم يأتي اللاعبون على ظهور الخيل يرمون القبق، القرعة، بالنشاب وفائز من يطير الحمام وقد يستبدل بالقرعة حلقة من الخشب (المواعظ والاعتبار 2 / 111).

الأربعاء، أغسطس 27، 2008

If قصيدة لم تؤثر فى قديما، ما أروعها

هذه قصيدة لشاعر إنجليزى كبير هو كيبلنج، قرأتها قديما خلال دراستى لكن من درسوها لى لم يستطيعوا أن يشعرونى بمعانيها القوية المؤثرة مثل كثير من مدرسى اللغة العربية أيضا الذين لم يشعرونا بمحاسن قصائد العرب على تعدد أغراضها و مبانيها

أرجو أن تستشعر مع كيبلنج مدى مشاعره مع اختلاطه مع الناس و موقفه كمن يقف فى وسط عاصفة و يبقى صامدا يخاطب الناس و لا يأسى على مواقفهم المترددة المتعددة و يظل برغم شكوكهم الرجل الموثوق المفيد.

If
by Rudyard Kipling

If you can keep your head when all about you
Are losing theirs and blaming it on you;
If you can trust yourself when all men doubt you,
But make allowance for their doubting too:
If you can wait and not be tired by waiting,
Or, being lied about, don't deal in lies,
Or being hated don't give way to hating,
And yet don't look too good, nor talk too wise;

If you can dream---and not make dreams your master;
If you can think---and not make thoughts your aim,
If you can meet with Triumph and Disaster
And treat those two impostors just the same:.
If you can bear to hear the truth you've spoken
Twisted by knaves to make a trap for fools,
Or watch the things you gave your life to, broken,
And stoop and build'em up with worn-out tools;

If you can make one heap of all your winnings
And risk it on one turn of pitch-and-toss,
And lose, and start again at your beginnings,
And never breathe a word about your loss:
If you can force your heart and nerve and sinew
To serve your turn long after they are gone,
And so hold on when there is nothing in you
Except the Will which says to them: "Hold on!"

If you can talk with crowds and keep your virtue,
Or walk with Kings---nor lose the common touch,
If neither foes nor loving friends can hurt you,
If all men count with you, but none too much:
If you can fill the unforgiving minute
With sixty seconds' worth of distance run,
Yours is the Earth and everything that's in it,
And---which is more---you'll be a Man, my son!

If قصيدة لم تؤثر فى قديما، ما أروعها

الثلاثاء، أغسطس 26، 2008

دليلك لاحتراف البحث على الإنترنت

دليلك لاحتراف البحث على الإنترنت 

رحاب عبد المحسن 
المصدر:
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1175008803855&pagename=Zone-Arabic-HealthScience%2FHSALayout
 


"هل تستخدم علامات التنصيص كأحد وسائل البحث عن طريق الإنترنت؟" كان هذا هو السؤال الذي ورد بأحد استطلاعات الرأي التي قام بها جاكوب نيلسون المتخصص في الإنترنت، وهو ذاته ما أود منك أن تطرحه على نفسك.. إن كانت الإجابة بنعم فاعلم أنك من صفوة الباحثين على الإنترنت الذين لم تتجاوز نسبتهم كما أشارت نتائج الاستطلاع 3% من مجمل الباحثين، وإن لم تكن منهم فمن السهل أن تنضم. 

استجابة محرك البحث ما هي إلا رد فعل لما نصوغه في شريط البحث، فبمجرد وضع الكلمة فإننا بذلك نكون قد وجهنا المحرك صوب البحث عن المواقع التي تحوي هذه الكلمة، فيقوم بالبحث سريعا في قاعدة البيانات لديه التي قام من قبل بتجميعها وتصنيفها من جملة المواقع، ويخرج ناتج البحث في شكل قائمة من صفحات الويب تحوي الكلمة المبحوث عنها.

ولبحث مثمر اتبع النصائح التالية:

- استخدم عددا أكبر من الكلمات: بكتابة كلمات إضافية فإنك تفتح الفرصة أمام محرك البحث حتى يعمل بشكل أدق، وفي ذات الوقت توجه البحث أكثر صوب المعلومات التي تود الحصول عليها.

- استخدم الكلمات غير المتداولة: باستخدامك كلمة تتواجد في أكثر من موقع فإنك بذلك ترفع من احتمال اختيار موقع غير مرغوب، وفي الغالب ما تبتعد بك عن الطريق السليم للبحث للوصول للمعلومة، لذا فعليك أن تكون محددا وواضحا في اختيارك لكلمة البحث بقدر الإمكان.

- ضع العبارات بين علامتي تنصيص: وهذه واحدة من أكثر طرق البحث فعالية في حال ما إذا ما كنت متأكدا من أن العبارة توجد بذات النص في الموقع المراد البحث عنه.

ولجعل الاستخدام أكثر احترافا إليك بعض النصائح المتقدمة:

- استخدم الرموز الرياضية: فباستخدام علامة "+" أو كلمة "AND" يضمن أن تحتوي نتائج البحث على كلتا الكلمتين، والعكس صحيح؛ فباستخدام علامة "-" أو كلمة "NOT" تعمل على استثناء ما بعدها من نتائج البحث.

وللتوضيح فلو أنك حاولت البحث عن Paris Hilton الفندق المشهور، فسيظهر لك نتائج متعددة تضم مجموعة ضخمة من المواقع التي تتحدث عن الممثلة "باريس هيلتون"، ومن الممكن بسهولة حل تلك المشكلة عن طريق إضافة "+hotel".

- ابحث بأوامر البحث أو ما يعرف بـCommands Operator: وهي طريقة فعالة على الرغم من جهل العديدين بها، كأدوات مساعدة يمكن إضافتها إلى عبارة البحث لتضييق مجال البحث وصولا إلى نتائج دقيقة ، وسنورد هنا بعضا منها مستعينين بالتمثيل على محرك البحث المشهور "جوجل":

كتابة الرمز "~" قبل الكلمة في حقل البحث للحصول على المزيد من المرادفات: فبكتابة ~car بخانة البحث يتسع مجال البحث ليشمل مواقع وارتباطات تضم مرادفات لكلمة car مثل .automobile

وضع علامة "*" داخل جملة لتحل محل كلمة مفقودة: فبكتابة "المركز*الطبي" في خانة البحث يأتي في النتائج المركز التخصصي الطبي والمركز العربي الطبي... وهكذا.

كتابة ":link" متبوعة بعنوان لموقع تعرض جميع الارتباطات التابعة للموقع، بل المواقع التي تورد ذكره أو ترتبط به بصورة أو بأخرى، فبالبحث عن link:itp.com مثلا تجعلك تحصل في نتيجة البحث على جميع المجلات والنشرات والخدمات الإلكترونية التي يقدمها موقع itp.com.

كتابة كلمة ":related" قبل الموقع لإظهار أي نتائج يراها محرك البحث ذات صلة بالموقع المبحوث عنه: فعند البحث عن related:www.cnn.comتظهر لك في النتيجة الصفحات التي ترتبط بموقع القناة الإخبارية الأمريكية .CNN

كتابة":define" متبوعة بالكلمة المبحوث عنها للحصول على تعريف لها: فبكتابة define:LCD مثلا ستحصل في نتيجة البحث على تعريف خاص بتقنية الكريستال السائل LCD مقتبسة من العديد من المواقع على الإنترنت.

كتابة ":cache" أو استخدام ذات الخاصية المتوفرة في المحرك "جوجل" تحدد مواضع ذكر الكلمة المبحوث عنها بموقع ما وبلون مختلف: فبكتابة cache:www.cnn.com food حيث food هي الكلمة المطلوب إيجادها داخل أحد صفحات موقع الـCNN، فتأتي النتيجة مشارا فيها وبلون مختلف لكلمة Food داخل الصفحة المتواجدة به.

كتابة ":Author" تكون للحصول على معلومات عن صفحة قام بتأليفها مؤلف محدد.

كتابة":Intitle" تعمل على البحث عن كلمة ما داخل عنوان الصفحة ":URL" الذي يظهر في خانة العنوان بنافذة المتصفح، بينما ":allintitle" فلها ذات التأثير السابق ولكن للبحث عن عدة كلمات داخل عنوان الصفحة بدلا من كلمة واحدة. كما تستخدم كلمة ":allintext" للتأثير العكسي في حال البحث بأكثر من كلمة ضمن النصوص الواردة بالموقع وليس في عنوانه، فيكفي كتابة allintext:tsunami للبحث عن كلمةtsunami ككلمة نصية في النتائج التي يرجعها جوجل دون الإشارة إلى الكم الهائل من المواقع التي تضم هذه الكلمة في عناوينها.

إضافة كلمة ":info" قبل عنوان موقع تبحث عنه للحصول على معلومات عن الموقع الذي تقوم بزيارته إن وجدت.

كتابة ":filetype" هي طريقة فعالة للبحث عن كلمات في نوعية معينة من الملفات، فبالبحث عن filetype:pdf islam تحصل في النتيجة على جميع الملفات من نوع pdf المحتوية على كلمة islam. وللباحثين عن الأفلام مثلا يمكن كتابة film:lord of the rings فيظهر جوجل تقييمات ومقالات تتعلق بالفيلم المذكور، وبشكل مشابه يمكن البحث عن الموسيقى بكتابة مثلا music:fairouz ليعرض محرك البحث ألبومات المطربة ومواقعها على الإنترنت.

ولمعرفة المزيد من الأوامر التي تساعدك في عملية البحث يمكنك مطالعة الصفحة التالية:

www.google.com/help/cheatsheet.html

نصائح للبحث بالعربية:

على الرغم من ظهور عدد من محركات البحث التي تدعم اللغة العربية فإن عددها ما زال محدودا، ويعود ذلك إلى التقنيات المعقدة التي يحتاجها البحث باللغة العربية. إذ تختلف طبيعة اللغة العربية عن الإنجليزية، فاللغة العربية لغة صَرفية (morphological)، بينما الإنجليزية لغة لصقية (affixational). ومن هنا كان لا بد للشركات التي تطرح محركات بحث عربية قوية أن تمتلك التقنيات اللازمة لمعالجة اللغة العربية آليا.

وقد ظهر أثر ذلك في محركات البحث الموجودة التي انقسمت إلى مجموعتين:

* المجموعة الأولى:

قلَّدت محركات البحث الإنجليزية؛ ولذلك فقد جاءت نتائجها ضعيفة لاعتمادها في البحث على المطابقة الحرفية (string matching) لكلمات البحث، مما يتسبب في حجب الكثير من المعلومات التي تتوافق مع الكلمات المبحوث عنها لكنها تختلف بأحرف زائدة بسيطة.

* المجموعة الثانية:

اعتمدت على تقنيات متقدمة لمعالجة اللغة العربية، ومن أبرز أمثلتها: أراب فيستا (Arabvista) و الإدريسي الذي أصدرته شركة صخر لبرامج الحاسب الآلي، وMultimeta ، وتتميز تلك المجموعة بإمكانات إضافية مثل: البحث باللواصق، والبحث بالمشتقات. وقد تميز محرك الإدريسي عن غيره بعدة وظائف مثل:

البحث بالمترادفات: لتظهر النتائج كلمة البحث إضافة للكلمات العربية المتشابهة معها في المعنى.

البحث بالمعاني والترجمة: للبحث عن نصوص إنجليزية عن طريق كلمة عربية يجهل المستخدم معناها.

إضافة إلى إمكانية للتعامل مع التشكيل بشكل جيد.

جدير بالذكر أن معظم محركات البحث العربية تقوم بعد معالجة الكلمة أو العبارة المراد البحث عنها بترجمتها إلى اللغة الإنجليزية، ليجري البحث عنها بعدة لغات في مواقع الويب المُفهرسة لديه.

ومن النصائح الهامة عند البحث باللغة العربية، وجوب التأكد من الإملاء الصحيح للكلمة وإذا كان هناك أكثر من احتمال لكتابة الكلمة فيفضل استخدام OR بينهما، مثل: قرية OR قريه.

والآن وبعد أن وصلنا إلى المراد وحصلنا على صفحة مكدسة بكم هائل من المعلومات كيف لنا أن نستخرج المطلوب بأسرع طريقة ممكنة؟ ببساطة ما أن تدخل الصفحة عليك أن تضغط ctrl+F ومن ثم تكتب الكلمة المراد البحث عنها، فسيقودك ذلك إلى المقطع الذي تتوافر به الكلمة المذكورة.

وإليك بعض المحركات المجربة من قبل زوار "ساحة الحوار" في إسلام أون لاين.نت، والتي يرى زوار الساحة أنها أثبتت فاعلية كبيرة معهم، ومنها:

- dogpile  

- ask  

- Altavista (يوجد به إمكانية متميزة للبحث عن الصوتيات من نوعية ملفاتmp3 والفيديو أيضا)

وللبحث عن الصور:

- Image-seeker (ومن المميز في هذا الموقع أنه يستثني المواقع الإباحية من البحث).

- picsearch  

- flickr  

ومن المواقع التي تحوي عددا من محركات البحث:

- www.search-22.com  


هوامش ومصادر:

http://www.googleguide.com
The Net For Journalists 

محررة بالقسم العلمي والصحي بشبكة إسلام أون لاين.نت، ويمكنك التواصل معها عبر البريد الإلكتروني للصفحة: oloom@islamonline.net

الأحد، أبريل 20، 2008

إعجاز فى بناء الأهرامات بين النظرية و الاجتهاد

برغم تحفظى على استخدام النظريات التى لم تثبت فى أطروحات الإعجاز العلمى فى القرآن و السنة فإن هذه الأطروحات تبقى اجتهادات لأصحابها ، يجب استيعاب هذه القاعدة عند التعامل مع الشرح فى آيات القرآن فهذا يبقى من الظنى لا من اليقينى فى العلم، و هو مما يجب تفهمه قبل التعرض لهذه العلوم.

لكن الفائدة من التعرض لموضوعات بهذه الدرجة من العمق فى العلوم الطبيعية لمما يجب على أمتنا أن تنحو نحوه خاصة فى عصرنا، و ربطها بما ورد فى آى الذكر الحكيم و سنة النبى صلى الله عليه و سلم لمما يفتح آفاق الثقافة العلمية فى أذهان المسلمين، مع الاحتياط من أن القول بالإعجاز ليس فى كل المسائل، فإن صدق بعضها مما اجتهد فيه أهل العلم الشرعى و التجريبى، فهو من توفيق الله، و إن بطل بعد مدة فهو خطأ فى اجتهاد المجتهد لا يلزم النص المحفوظ من قبل الله تبارك و تعالى.

وفق الله القارئ و الكاتب لما يرضى الله و رسوله.

محمد جلال 20 أبريل 2008



 

 

حقيقة الأهرامات: معجزة قرآنية جديدة

آخر اكتشاف علمي جاء فيه: باحثون فرنسيون وأمريكيون يؤكدون أن الأحجار الضخمة التي استخدمها الفراعنة لبناء الأهرامات هي مجرد "طين" تم تسخينه بدرجة حرارة عالية، هذا ما تحدث عنه القرآن بدقة تامة، لنقرأ...

 

هل ستبقى الأهرامات التي نعرفها من عجائب الدنيا السبع؟ وهل وجد العلماء حلاً للغز بناء الأهرامات في مصر القديمة؟ وهل لا زال البعض يعتقد أن الجن هم من بنوا هذه الأهرامات؟ وهل يمكن أن نصدق أن مخلوقات من الفضاء الخارجي قامت ببناء أهرامات مصر؟...

هذه تكهنات ملأت الدنيا واستمرت لعدة قرون، ولكن الاكتشاف الجديد الذي قدمه علماء من فرنسا وأمريكا سوف يغير نظرة العلماء للأبد، وسوف يعطي تفسيراً علمياً بسيطاً لسر بناء الأهرامات، ولكن الأعجب من ذلك أن هذا السر موجود في القرآن منذ أربعة عشر قرناً!!!

كان المعتقد أن الفراعنة قاموا بنحت الحجارة ولكن السؤال: كيف جاءت جميع الحجارة متطابقة حتى إنك لا تجد مسافة شعرة بين الحجر والآخر؟ وأين المعدات والأزاميل التي استخدمت في نحت الحجارة؟ فلم يتم العثور حتى الآن على أي واحد منها؟ إن هذا الاكتشاف يؤكد أن العلماء كانوا مخطئين عندما ظنوا أن الأهرامات بُنيت من الحجارة، والأقرب للمنطق والحقيقة أن نقول إن حضارة الفراعنة قامت على الطين!!

 

حقائق علمية جديدة

من الحقائق العلمية أن الأهرام الأعظم كان يرتفع 146 متراً وهو أعلى بناء في العالم لمدة 4500 عام، واستمر كذلك حتى القرن التاسع عشر. والنظرية الجديدة التي يقترحها البروفسور الفرنسي Joseph Davidovits   مدير معهد Geopolymer  يؤكد فيها أن الأهرامات بنيت أساساً من الطين، واستُخدم الطين كوسيلة لنقل الحجارة على سكك خاصة.

ويفترض البحث أن الطين ومواد أخرى أُخذت من تربة نهر النيل ووُضعت هذه المواد معاً في قوالب حجرية محكمة، ثم سخنت لدرجة حرارة عالية، مما أدى إلى تفاعل هذه المواد وتشكيلها حجارة تشبه الحجارة الناتجة عن البراكين أو التي تشكلت قبل ملايين السنين.

ويؤكد العالم Davidovits أن الحجارة التي بنيت منها الأهرامات صنعت أساساً من الكلس والطين والماء، لأن التحاليل باستخدام تقنية النانو أثبتت وجود كميات من الماء في هذه الحجارة ومثل هذه الكميات غير موجودة في الأحجار الطبيعية.

كذلك هناك تناسق في البنية الداخلية للأحجار، وهذا يؤكد أنه من غير المعقول أن تكون قد جلبت ثم نحتت بهذا الشكل، والاحتمال الأكثر واقعية أنهم صبوا الطين في قوالب فجاءت أشكال الأحجار متناسقة تماماً مثلما نصبُّ اليوم الأدوات البلاستيكية في قوالب فتأتي جميع القطع متساوية ومتشابهة تماماً.

لقد استُعمل المجهر الإلكتروني لتحليل عينات من حجارة الأهرامات، وكانت النتيجة أقرب لرأي Davidovits   وظهرت بلورات الكوارتز المتشكلة نتيجة تسخين الطين واضحة، وصرح بأنه لا يوجد في الطبيعة مثل هذه الأحجار، وهذا يؤكد أنها صنعت من قبل الفراعنة. وقد أثبت التحليل الإلكتروني على المقياس المصغر جداً، وجود ثاني أكسيد السيليكون، وهذا يثبت أن الأحجار ليست طبيعية.

 

إن كتاب Davidovits الشهير والذي جاء بعنوان Ils ont bati les pyramides  ونشر بفرنسا عام 2002 حل جميع المشاكل والألغاز التي نسجت حول طريقة بناء الأهرامات، ووضع آلية هندسية بسيطة للبناء من الطين، وكان مقنعاً لكثير من الباحثين في هذا العلم.

ويؤكد بعض الباحثين أن الأفران أو المواقد استخدمت قديماً لصناعة السيراميك والتماثيل. فكان الاستخدام الشائع للنار أن يصنعوا تمثالاً من الطين الممزوج بالمعادن وبعض المواد الطبيعية ثم يوقدون عليه النار حتى يتصلب ويأخذ شكل الصخور الحقيقية. وقد استخدمت العديد من الحضارات أسلوب الطين المسخن لصنع الأحجار والتماثيل والأدوات.

كما أكدت الأبحاث جميعها أن الطريقة التي كان يستخدمها الفراعنة في الأبنية العالية مثل الأهرامات، أنهم يصنعون سككاً خشبية تلتف حول الهرم بطريقة حلزونية مثل عريشة العنب التي تلتف حول نفسها وتصعد للأعلى.

أبحاث أخرى تصل إلى النتيجة ذاتها

لقد أثبتت تحاليل أخرى باستخدام الأشعة السينية وجود فقاعات هواء داخل العينات المأخوذة من الأهرامات، ومثل هذه الفقاعات تشكلت أثناء صب الأحجار من الطين بسب الحرارة وتبخر الماء من الطين، ومثل هذه الفقاعات لا توجد في الأحجار الطبيعية، وهذا يضيف دليلاً جديداً على أن الأحجار مصنوعة من الطين الكلسي ولا يزيد عمرها على 4700 سنة.

ويؤكد البرفسور الإيطالي Mario Collepardi والذي درس هندسة بناء الأهرامات أن الفراعنة كل ما فعلوه أنهم جاؤوا بالتراب الكلسي المتوفر بكثرة في منطقتهم ومزجوه بالتراب العادي وأضافوا إليه الماء من نهر النيل وقاموا بإيقاد النار عليه لدرجة حرارة بحدود 900 درجة مئوية، مما أكسبه صلابة وشكلاً يشبه الصخور الطبيعية.

إن الفكرة الجديدة لا تكلف الكثير من الجهد لأن العمال لن يحملوا أية أحجار ويرفعونها، كل ما عليهم فعله هو صنع القوالب التي سيصبّ فيها الطين ونقل الطين من الأرض والصعود به في أوعية صغيرة كل عامل يحمل وعاء فيه شيء من الطين ثم يملؤوا القالب، وبعد ذلك تأتي عملية الإحماء على النار حتى يتشكل الحجر، ويستقر في مكانه وبهذه الطريقة يضمنوا أنه لا توجد فراغات بين الحجر والآخر، مما ساهم في إبقاء هذه الأهرامات آلاف السنين..

 

الحقيقة العلمية تتطابق مع الحقيقة القرآنية

بعد هذه الحقائق يمكننا أن نصل إلى نتيجة ألا وهي أن التقنية المستعملة في عصر الفراعنة لبناء الأبنية الضخمة كالأهرامات، كانت عبارة عن وضع الطين العادي المتوفر بكثرة قرب نهر النيل وخلطه بالماء ووضعه ضمن قوالب ثم إيقاد النار عليه حتى يتصلب وتتشكل الحجارة التي نراها اليوم.

هذه التقنية يا أحبتي بقيت مختفية ولم يكن لأحد علم بها حتى عام 1981 عندما طرح ذلك العالم نظريته، ثم في عام 2006 أثبت علماء آخرون صدق هذه النظرية بالتحليل المخبري الذي لا يقبل الشك، أي أن هذه التقنية لم تكن معروفة نهائياً زمن نزول القرآن، ولكن ماذا يقول القرآن؟ لنتأمل يا إخوتي ونسبح الله تبارك وتعالى.

بعدما طغى فرعون واعتبر نفسه إلهاً على مصر!! ماذا قال لقومه، تأملوا معي (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي) [القصص: 38]، سبحان الله! إلى هذا الحد بلغ التحدي والاستكبار؟ ولكن فرعون لم يكتف بذلك بل أراد أن يتحدى القدرة الإلهية وأن يبني صرحاً عالياً يصعد عليه ليرى من هو الله، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. وبالتالي أراد أن يثبت لقومه الذين كانوا على شاكلته أن موسى عليه السلام ليس صادقاً، وأن فرعون هو الإله الوحيد للكون!!

فلجأ فرعون إلى نائبه وشريكه هامان وطلب منه أن يبني صرحاً ضخماً ليثبت للناس أن الله غير موجود، وهنا يلجأ فرعون إلى التقنية المستخدمة في البناء وقتها ألا وهي تقنية الإيقاد على الطين بهدف صب الحجارة اللازمة للصرح، يقول فرعون بعد ذلك: (فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ) [القصص: 38].

ولكن ماذا كانت النتيجة؟ انظروا وتأملوا إلى مصير فرعون وهامان وجنودهما، يقول تعالى: (وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ * فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) [القصص: 39-40].

قد يقول قائل هل الصرح هو ذاته الأهرام؟ ونقول غالباً لا، فالصرح هو بناء مرتفع أشبه بالبرج أو المنارة العالية، ويستخدم من أجل الصعود إلى ارتفاع عالٍ، وقد عاقب الله فرعون فدمَّره ودمَّر صرحه ليكون لمن خلفه آية، فالبناء الذي أراد أن يتحدى به الله دمَّره الله ولا نجد له أثراً اليوم. وتصديق ذلك أن الله قال في قصة فرعون ومصيره الأسود: (وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ) [الأعراف: 137]. وبالفعل تم العثور على بعض الحجارة المبعثرة والتي دفنتها الرمال خلال آلاف السنين.

 

وجه الإعجاز

1- إن تأكيد هذا الباحث وعشرات الباحثين غيره على أن الطين هو مادة بناء الأهرامات، وأن هذه الأهرامات هي أعلى أبنية معروفة في التاريخ وحتى العصر الحديث، كل هذه الحقائق تؤكد أن الآية القرآنية صحيحة ومطابقة للعلم، وأنها من آيات الإعجاز العلمي.

2- إن تقنية تصنيع الحجر من الطين باستخدام الحرارة، لم تكن معروفة زمن نزول القرآن، والنبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن لديه علم بأن الأهرامات تم بناؤها بهذه الطريقة، ولذلك تعتبر هذه الآية سبقاً علمياً عندما ربطت بين الطين والحرارة كوسيلة من وسائل البناء في عصر الفراعنة، لتدلنا على أن هندسة البناء وقتها كانت قائمة على هذه الطريقة. وهذه الحقيقة العلمية لم يتم التعرف عليها إلا منذ سنوات قليلة جداً وباستخدام تقنيات متطورة!

3- في هذه المعجزة دليل على التوافق التام بين القرآن والعلم وصدق الله عندما قال عن كتابه: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) [النساء: 82]. وفيها رد على الملحدين الذين يدعون أن القرآن من تأليف محمد، إذ كيف لمحمد أن يتنبأ بأمر كهذا وهو أبعد ما يكون عن الأهرامات ولم يرها أصلاً!

4- تؤكد الحقائق اليقينية أن الأهرام الأعظم في الجيزة أو ما يسمى هرم خوفو، هو أعلى بناء على وجه الأرض لمدة 4500 عام، وبالتالي كان الفراعنة مشهورين بالأبنية العالية أو الصروح، ولذلك فإن الله تعالى دمَّر الصروح والأبنية التي بناها فرعون مدعي الألوهية، أما بقية الفراعنة والذين بنوا الأهرامات، فقد نجاها الله من التدمير لتبقى شاهدة على صدق كتاب الله تبارك وتعالى!

5- في قوله تعالى (وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ) تأملوا معي كلمة (يَعْرِشُونَ) والتي تدل على الآلية الهندسية المستخدمة عند الفراعنة لوضع الحجارة فوق بعضها! ففي اللغة نجد كما في القاموس المحيط: عَرَشَ أي بنى عريشاً، وعرش الكرمَ: رفع دواليه على الخشب، وعرش البيت: بناه، وعرش البيت: سقَفه، والنتيجة أن هذه الكلمة تشير إلى وضع الخشب والارتفاع عليه بهدف رفع الحجارة، وهذا ما يقول العلماء والباحثون اليوم، أن الفراعنة استخدموا السكك الخشبية لرفع الطين والتسلق بشكل حلزوني حول البناء تماماً مثل العريشة التي تلتف حول العمود الذي تقوم عليه بشكل حلزوني.

 

 

6- في هذه المعجزة رد على من يدعي أن النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم أخذ علومه وقصصه من الكتاب المقدس أو من الراهب بحيرة أو القس ورقة بن نوفل، لأن تقنية البناء من الطين لم تُذكر في التوراة، بل على العكس الذي يقرأ التوراة يخرج بنتيجة وهي أن الحجارة تم جلبها من أماكن بعيدة عن منطقة الأهرامات، وأنها حجارة طبيعية، ولا علاقة لها بالطين، وهذا الأمر هو ما منع بعض علماء الغرب من الاعتراف بهذا الاكتشاف العلمي، لأنه يناقض الكتاب المقدس.

7- إن البحث الذي قدمه البروفسور Davidovits أبطل كل الادعاءات التوراتية من أن آلاف العمال عملوا لسنوات طويلة في هذه الأهرامات، وأبطل فكرة أن الحجارة جاءت من أماكن بعيدة لبناء الأهرامات، وبالتالي فإننا أمام دليل مادي على أن رواية التوراة مناقضة للعلم.

أي أن هناك اختلافاً كبيراً بين الكتاب المقدس وبين الحقائق العلمية، وهذا يدل على أن الكتاب المقدس الحالي من تأليف البشر وليس من عند الله، وهذه الحقيقة أكدها القرآن بقول تعالى: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) [النساء: 82]. ويدل أيضاً أن القرآن من عند الله لأنه يطابق العلم دائماً!

وهنا نتساءل بل ونطرح الأسئلة على أولئك المشككين برسالة الإسلام ونقول:

1- كيف علم محمد صلى الله عليه وسلم بوجود أبنية عالية كان الفراعنة يبنونها في عصرهم؟ ولو كان يستمد معلوماته من التوراة لجاء بنفس المعلومات الواردة في التوراة، إذاً من أين جاءته فكرة الصرح أصلاً؟

2- كيف علم النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم أن تقنية الطين كانت مستخدمة في البناء في عصر الفراعنة؟ بل ما الذي يدعوه للحديث في مثل هذه القضايا التاريخية والغيبية، إنها لن تقدم له شيئاً في دعوته، ولو أن النبي هو الذي ألَّف القرآن لكان الأجدر به أن يحدثهم عن أساطير العرب، فهذا أقرب لقبول دعوته!!

3- ثم كيف علم هذا النبي الأمي أن فرعون ادعى الألوهية؟ وكيف علم أنه بنى صرحاً، وكيف علم أن هذه الصروح قد دُمِّرت؟ وأنه لم يبق إلا ما يدل على آثار لهم، يقول تعالى: (فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ) [القصص: 58].

4- هل يمكن لمحمد صلى الله عليه وسلم لو كان هو من ألف القرآن أن يقول مثل هذا الكلام: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [الروم: 9]. فجعل تأمل هذه الأهرامات وغيرها من آثار الشعوب السابقة وسيلة للإيمان لندرك قدرة الله ومصير من يتكبر على الله.

إن هذه الحقائق هي برهان مادي يتجلى في كتاب الله تعالى يظهر صدق هذا الكتاب، وقد يقول قائل: إن نظرية بناء الأهرامات من الطين لم تصبح حقيقة علمية فكيف تفسرون بها القرآن، وأقول: إن هذه النظرية لم تأت من فراغ بل جاءت نتيجة تحليل علمي ومخبري ولا تناقض الواقع، وهي تطابق القرآن، ومهما تطور العلم لن يكتشف من الحقائق إلا ما يتفق ويتطابق مع القرآن لتكون هذه الحقائق وسيلة لرؤية معجزات الله في كتابه، وهو القائل: (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [فصلت: 53].

 

 

 



الأحد، مارس 02، 2008

محاكمات فى ساحات الإعلام

لم يعد غريبا علينا أن نشاهد أو نسمع برواية و خصومة على ساحات الشاشات أو فى أثير الإذاعة، فهل هو خطأ من الإعلام أم جرس من أجراس الخطر.

فى برنامج 90 دقيقة رأيت امرأتان إحداهما فى آلام المخاض كما تقول، وبرغم هذا أتت تتأوه من متاعب الطلق و تذب عن زوجها الضابط فى الشرطة فى مواجهة شكوى من ممرضة تدعى أن زوج الطبيبة اعتدى عليها بالضرب، و بين مناقشات و دفوع تحول المشاهدون لقضاة، أو أصيبوا بميل ضد شرطى يستغل منصبه و سطوته، و ربما تبلبلوا بمحام يدعى وجود مافيا من الممرضات فى هذه المستشفى، فهل المخطئ من ذهب لعرض مشكلته على الإعلام أم هو الإعلامى الذى حول برنامجه لمنصة قضاء.

أإلى هذا الحد لم يعد لدى قانوننا قوة و لا سطوة له على المخطئين ترضيهم و إن جانبه الصواب حينا أصاب فى الأغلب الأعم.

فى إذاعة حكومية تلتقط أذناى تحقيقا عن مستشفى لا يشار إلى اسمه لكن يوجه التحقيق كرسالة لوزير الصحة عن أوضاع المستشفيات فإذا بنا نكرر نفس الإشكال حول واقعة معينة حول مضاعفات أصابت امرأة ذهبت تسقط جنينا سابعا، و سقطت فى غيبوبة بين الحياة و الموت، بعد انسداد فى أنبوب حنجرى ركب لها و يأتى أخوها و زوجها ليحكوا حكايتهم و معهم ممرضة تقف فى صفهم و طبيب متهم بالإهمال و طبيب آخر يفصل كثيرا من حالة المريضة، مع ذكر أسماء الأطباء المصيب و المخطئ و استجوابهم إذاعيا كذلك.

ربما كان من الجيد جدا أن نسلط الضوء على سلبياتنا لإصلاحها، لكن هذا الإيغال فى التفاصيل، و هو باهر الضوء فى تسليطه أنوارا كاشفة على القضايا، لكنه ينذر بأن الأمور قد تكون تعدت المعقول فى جانبى المعادلة، المواطن و جهات الحكم، سواء التنفيذية التى تنفذ القانون و تعطيه قوته أو القضائية التى تفصل فى النزاعات و تعجل بحلها.

هل تحويل الإعلام لمنصة قضاء يسائل الشهود و المحققين أحيانا، هو خطأ فى تكنيكات الإعلام أم مهارة يمدحون عليها، أم هو البديل الوحيد لصاحب الشكوى فى ظل تأخر القضايا و ضعف الإجراءات، مع العلم أنه ليس كل صاحب شكوى يجد طريقه لإعلامى، بل ربما يكون من وجد طريقه هو الآخر مسنودا بشكل أو بآخر بسلطة رابعة تنازع السلطات الأخرى فى ظل الفوضى، لكنها لن تزيل الحاجة لقوة القانون الذى يعبر عن قوة الدولة لا هشاشتها.

النشر الإلكترونى

الجمعة، فبراير 29، 2008

حديث صحفى حول الكتاب فى العالم العربى

حوار رائع مع الدكتور محمد الأحمري منقول من مجلة العصر.
ملاحظة العصر: تعميما للفائدة، نعيد نشر الحوار الذي أجرته صحيفة الوطن السعودية مع المفكر الموسوعي الدكتور محمد حامد الأحمري حول مستقبل الكتاب العربي.
عرض الكاتب والمفكر الإسلامي محمد بن حامد الأحمري آراءه عن الكتاب في حوار مع "الوطن"، فأشاد بالكتاب المسموع وتوقع له مستقبلاً في العالم العربي، وقال إن كميات هائلة من الكتب التافهة تجد طريقها للنشر، وصرح بأن أغلب الكتاب يكتبون "ما يطلبه القراء"، كما نفى إمكانية أن يعيش المؤلف من دخل كتابه إلاّ ما هو أقل من النادر، كما انتقد معرض القاهرة للكتاب مكاناً وأثنى على معروضاته. الأحمري حاصل على شهادة الدكتوراه في التاريخ السياسي الحديث، وعمل رئيساً للتجمع الإسلامي في أمريكا الشمالية، وشارك في حوارات مع مسيحيين ويهود وقام بزيارات تعريف للإسلام لعدد من الكنائس، وشارك في عدد من المؤتمرات في أمريكا وكندا وبريطانيا وقطر، ويوصف بأنه مفكر موسوعي، وهو مهتم بالكتاب قراءة ونشراً وترجمةً، وعمل مستشاراً للنشر لمكتبة العبيكان في الرياض.
* يعتبر البعض أن الكتاب العربي الحديث لم يستطع الخروج من عباءة التقليد، هل تعتقد أن الكتاب العربي لا يحمل قيمة إبداعية جديدة؟
** الكتاب العربي الحديث هو مرآة المستوى الفكري العام في العالم العربي، والتقليد يكتنفه من جانبين، تقليد للسلف في الكتاب الديني، وتقليد للغرب في الكتاب غير الديني، أو الكتاب المتغرب في الفكر وإن كان يناقش قضايا دينية أو غيرها. فمرجعية الكاتب تتراوح بين الأمرين، ولا نستطيع القول مطلقا بالتقليد، ولكن هذا هو الغالب. وهناك كتب إبداعية لا شك ولكنها قليلة جداً إذا ما قورنت بالكم الهائل الذي يطبع. وقد تستغرب من استخدام كلمة ديني وليس كلمة إسلامي، لأن بعض الكتب التي تلبس لباس الدين يمكن أن تسميها دينية ولكنها ليست بالضرورة مما يصلح أن تقول عنها كتبا إسلامية، فالكتب التي تروّع الناس من الدنيا، وتقسم العالم قسمين، وتحتقر العامة من الناس، وتحتقر البدن، والشهوات، ولا تعترف إلا بالروح فقط؛ أنى لهذا المزاج الثنائي الغنوصي أن نقول إنه إسلامي؟! هذه كتب دينية فقط، ويمكن أن تكون جريمة في حق الدين، تحترم الآية التي فيها والحديث، ولا يمكنك التسليم بصحة وجهة نظر جامعيها ومصففي نصوصها، ثم يقوم المحققون من مفكري الإسلام وعلمائه بالتمييز إلى أي دين تنتمي تلك الكتب.
والترويج لمجرد الكتاب الديني مشكلة أصابت الأمة، فحب الناس لدينهم أوقعهم في التسليم لكل من دخل أو أدخل تحت عباءة الدين ما ليس منه. وهكذا الكتاب التقليدي الغربي كارثة أخرى، ينتهك مجتمعا مغلوبا، يشوه حقيقة المجتمع المنقول عنه، لأنه يمثل غالبا طرفا في مجتمعه، ويجعل نصوص الشهوات، وشواذ المذاهب، ومصائب الغرب والشرق هي الثقافة وهي المعرفة، ويسوق الفكر الغربي سياق النصوص المعصومة، والكاملة.
وأذكر أنني في أول مناقشة ثقافية استطعت أن أناقش فيها مثقفين غير مسلمين احتججت بكتابات كولن ويلسون، وقبل عشرين عاما كان فاكهة زماننا، فهو مؤلف المنتمي واللامنتمي، ومؤلف: سقوط الحضارة، وكتبٍ غيرها كثيرة، وكنت أتوقع أنه الكاتب الذي يصدر عنه الجميع، فهو شيخهم الأول والأخير ولكن لم يعرفه أحد ممن في القاعة! فذهبت للمكتبة ووجدت أنه ليس له فيها آنذاك إلا كتاب واحد هو رواية من روايات الرعب! وليس له كتاب بعنوان سقوط الحضارة ولكن الناشر اللبناني اخترع العنوان ليبيع الكتاب! ومرت سنون حتى رأيت كولن ويلسون وقد خطفته الخرافات والسحر وأصبح نسيا منسيا. فالوسطاء يستطيعون أن يجعلوا الشعوب التي تقرأ الترجمات تعيش خارج الثقافة مع من لا قيمة لهم ولا أهمية، وتغيب بالمقابل أعداداً كبيرة قادرة؛ والنتيجة تقليد في تقليد. ولا ألوم من يقول إن كانت المسألة تقليداً للغرب فقلدوا رجالنا ولا تقلدوا غيرهم فالتقليد لا ينفع ولا ينقذ المقلد، وخير منه الاقتداء، والمقتدي عارف ومنتقد، يأخذ ويترك.
* لماذا يعتبر الكتاب الإسلامي التراثي (الأول) مبيعاً في العالم العربي؟
** ليس غريبا أن يكون الكتاب التراثي العربي هو الأكثر بيعاً، فلكل أمة تراث يهتم به أبناؤها، فلو أعطيت مثالا بالتراث اليوناني فإنك تجد الغربيين لا يملون منه، وتكاد تجد ترجمة جديدة من النصوص اليونانية القديمة لكتب مثل الجمهورية، والإلياذة، وغيرها وتطبع كل أنواع الطبعات وهناك دور نشر خيرية مهمتها إعادة طباعة الكتب القديمة، أو: "المدرسية، التي تعتني بالكلاسيكية" وإخراجها إخراجا متميزا، وبيعها بأثمان زهيدة. وفي المناسبات كنهاية السنة يتسابق الناشرون على بيع هذه الكتب، ويهديها الناس في المناسبات، وتزين بها البيوت والمكاتب، فإقبال الناس عليها لا يعطي مؤشرا سيئا. ولكن من المهم أن تصبح لنا كتب قيمة معاصرة وقوية وفيها اجتهاد وجدة، ومن الأمثلة على ذلك كتاب فقه السنة، فهو كتاب فرض نفسه في زمانه، ويجدد ويطبع باستمرار، وهو يستحق الاهتمام. ولعل من المهم أن نشجع ظاهرة تقديم الكتب المتميزة باستمرار. وإعادة الاعتناء الصادق بها. فلو أخرجت كتب الجاحظ وكتب أبي حيان بتحقيقات وعناية أكثر لكان هذا عملا مشكورا.
* هل قللت وسائل الإعلام الحديثة من دور الكتاب في العالم العربي؟
** لا أتوقع أن الوسائل الحديثة قللت من دور الكتاب في أي مكان لا في العالم العربي ولا غيره، فالناشرون العرب حالهم جيد، ومعارضهم ناجحة، برغم رداءة المعروضات أحياناً، وتكرارها، ولم ينته الكتاب إلى الآن بل خرجت منه أنواع جديدة مهمة وجيدة مثل الكتاب المسموع، فله رواج وسيكون له مستقبل في العالم العربي، لأن الإنسان أصبح يقضي وقتاً طويلا في وسائل النقل. فالشيخ عائض باع من كتابه "لا تحزن" أكثر من مليون نسخة، والعرب يقرؤون وليس كما يروج كثيرون، ولكن غيرهم أكثر، يكفي أن تعلم أن مؤلفة كتاب قصص السحرة "هاري بوتر" باعت إلى قبل عام أكثر من 270 مليون نسخة، وكسب الفيلم الذي يروي قصة الكتاب مليارات، والكوهيلو مؤلف "الخيميائي" قال في مقابلة منذ ثمانية أشهر إنه بيع له أكثر من خمسة وتسعين مليون نسخة من كتبه، حتى إنه في بعض دول أوروبا الشرقية باع بما معدله نسخة لكل أسرتين في بلد واحد.
* اختيار الكتاب المترجم للعربية، هل يتم وفق معايير ثقافية أم تجارية؟
** الكتاب المترجم لدى دور النشر يخضع للناشر، فمنهم من يريد فقط الربح من أي كتاب، ولا يهمه محتواه ولا قضيته، ومنهم من يراعي الأهمية والربح، وليس لديك طريقة لأن تطالب الناشر التاجر أن يطبع كتابا فقط بسبب أهميته إذا كان لا يتوقع أنه يستطيع تصريفه، وقد حاولت لما كنت مستشاراً للنشر في مكتبة العبيكان أن نجمع قدر الإمكان بين التجارة والفائدة العلمية والثقافية والعامة، وفي أحد اللقاءات الخاصة وضعت قائمة بعدد من الكتب المهمة جدا في الثقافة الغربية بحيث نترجم هذه المجموعة المهمة ثقافيا ولو لم تربح، فالكتاب الجيد قد لا يخدمه أحد ولا يروج له، ولا يربح ناشره. واستطعنا أن نترجم كتبا لهدف ثقافي بحت، أرجو أن تجد طريقها للقراء قريبا.
* "أصبح الكتاب العربي الرديء ظاهرة مقلقة"، يتهم الناشر فيها ذوق القارئ العربي، بينما يعزو القارئ ذلك إلى أولوية الكسب المادي لدى الناشر، في رأيك أيهما على صواب؟
** نعم للأسف هناك كميات هائلة من الكتب التافهة تجد طريقها للنشر، لأسباب منها أنه ليس في مجتمعاتنا جو ثقافي حقيقي، ولا دراسة للمؤلفات، فالكتاب التافه قد تشتريه وزارة، أو يروج له مدرسون في مدارس، أو حزبيون لحزبهم، وبدلا من أن يكون ضحية الكتاب عددا قليلا يصبح الجميع ضحية التزوير، ولأن الناس عندنا ليس بين الكاتب والمطبعة وسيط فأي فكرة يمكنك أن تقول هذا كتاب وترسل به لأحد معارفك أو واسطة لناشر وتجده غدا، وكتب المؤلفين الخليجيين هي الأكثر لأنهم يستطيعون دفع تكاليف الطباعة.
* هل المؤسسات الثقافية غير الربحية تنافس المؤسسات الثقافية التجارية في توجيه الثقافة في العالم العربي؟
** مع بداية العلاقة بالعالم الغربي في عصرنا الحديث، كانت الحكومة الفرنسية أول من اهتم بالطباعة في العالم العربي، وحمل نابليون معه العلماء والمطابع، فهذه بداية حكومية استعمارية، ثم كان للكنائس وبخاصة الإرساليات دور مثير ولو كان محدوداً، وكان للحركة الإصلاحية بقيادة الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا، وللقوميين ثم للشيوعيين، ومؤخرا لحركة الاحتلال تحت مظلة محاربة الإرهاب دور في تحريك الثقافة، فكانت الحكومات والأحزاب وصراع الأفكار ذات دور أساسي في الصراع الثقافي، وللأسف المؤسسات الثقافية التجارية تميل بحسب سوق الأفكار، وأهل الأفكار قليل في بلاد العرب، ويعانون من الضياع بين مزاج الحكومات ومزاج السوق، وموت المؤسسات غير الربحية أو عدمها، ولكن سيكون لثقافة التبريد والتهدئة والقبول بالنفوذ الاستعماري على الثقافة العربية انتصار ولو مؤقتا. وبحكم أن المجتمع المدني يكاد يكون معدوما بسبب جهل معناه ولكونه محاربا فكيف يبني المجتمع ثقافته، وكيف يقيم مؤسساته، وهناك من يقول: لا مجتمع مدني، ولا مؤسسات!
* ذكر روبرت داونز في كتابه (كتب غيرت وجه العالم) عددا من الكتب الغربية ذات التأثير الواسع في الفكر العالمي، هل تتوقع صدور قائمة كتب عربية قريبة من هذا التأثير؟
** عند العرب كتب مهمة في تاريخ البشرية، ونعني بالكتب هنا كتبا بشرية كتبها الناس، ولهذا قال توينبي عن مقدمة ابن خلدون إنها أهم كتاب كتبه بشر، وذكرت هذه الشهادة لأنها من رجل من أهم المفكرين في العالم في العصر الحديث، وهو غربي، لأنهم لا يعترفون بنا، ونحن لا نعترف بأنفسنا حتى يقرونا على شيء، بحكم التردي الثقافي السائد، ومع هذا فهناك بوادر خير ونمو جيدة. ومن المناسب أن نتعرف على كتب غيرتنا، وغيرت رؤيتنا للعالم. ثم إن مسألة التصنيف "غيرت وجه العالم" أي عالم الغرب في سيادتهم لن يعترفوا إلا بكتبهم ويوم يقوم غيرهم لن يرى إلا نفسه، لأن جحود الآخرين من مركبات القوة ومن عاداتها الفكرية والسياسية والأخلاقية.
* في العالم العربي من ترى أنه من يوجه الآخر (القارئ أم المؤلف)؟
** هناك دائما كتاب وهم الأغلب يكتبون "ما يطلبه القراء"، وما يحب الجمهور، لأن الجمهور مصدر المال والشهرة، والناشرون يحبون هذا النوع من الكتاب، والكاتب الناجح في السوق ناجح عند الناشر، وناجح في الشارع، أما المثقف الذي يكتب كتابا فيتلقفه عدد قليل من القراء، فهو مؤلف غير ناجح، ولا يحبه إلا القليل وغالبا ما يكون كتاب النخبة من هذا النوع. وهنا يأتي دور المدارس والجامعات في توجيه الناس لقراءة الكتب الجيدة، ودور المكتبات الجامعية لتوفير النصوص المهمة، والإعلام الذي يجب أن يفتح للمثقفين المشاركة فيه وليعرفوا الناس بالكتب الجيدة، ولينفتح القراء على التوجهات الثقافية المؤثرة المهمة الجديدة.
* هل الكتاب العربي يكفل لمؤلفه عيشة كريمة مادياً؟ ولماذا؟
** لا يكاد يوجد مؤلف عربي يعيش من كتبه، إلا ما هو أقل من النادر، لأسباب منها ضعف السوق الثقافية وضعف معرفة الكتاب وضعف تسويقه، وسرقة الحقوق، فإن رأى صاحب مطبعة كتابا مطلوبا طبعه دون معرفة مؤلفه، وأخرجه بأي طريقة، وغياب المعلومات الصحيحة بين كثير من المؤلفين وناشريهم، فقليل من دور النشر من تلتزم بالأمانة ودقة المعلومات، كم طبعت وكم باعت، ومع كل هذه السيئات ظهر في العالم العربي ناشرون محترمون لحقوق المؤلفين ولسمعتهم ورعوا صنعة النشر وارتقوا بها، وعندنا نوعيات طباعة وإخراج تفوق في كثير من الأحيان المنافسين عالميا، وتنافسهم من حيث تدني كلفة الطباعة.
* ما صحة مقولة إن "أفضل الكتب: العربي القديم، والغربي المعاصر"؟
** هذه كلمة سمعتها أول الأمر من الدكتور جعفر إدريس، فقد سألته ماذا تقرأ قال "أقرأ الكتاب العربي القديم، والكتاب الغربي المعاصر" وهي كتابات في عصور قوة الثقافتين السياسية والفكرية والاجتماعية، وللحق فقد خرجت كتب عربية معاصرة تستحق الاهتمام والقراءة أكثر من بعض الكتب الغربية، ومن أمثلة ذلك الكتب في الفكر الإسلامي والمجتمع والتاريخ العربي والإسلامي لا يمكن أن تجد في كتب الغربيين عنا شيئا يوازي بعض ما يؤلفه العرب اليوم، بسبب أن الغربيين يحقرون العرب مجتمعا وثقافة ولم يعودوا يدرسونهم إلا كموضع يدرس ليخضع، وليحاط به، أو يغدر به، أو يتفكه عليه اجتماعيا، أو ليفكك فكره سياسيا ويسيطر عليه، فهي أعمال أدلة عمل للاستغلال والهيمنة والعلم ذهب من قديم مع المستشرقين ـ الأقل تسييسا من معاصرينا ـ مهما كانت نياتهم وأعمالهم.
* كشف الكتاب الوثيقة (الحرب الباردة الثقافية) للكاتبة البريطانية فرانسيس ستونر سوندرز عن دور الكتاب المسيّس في توجيه الثقافة، هل ترى أن مثل هذه الوثائق قد يشكك في مصداقية المؤلف والكتاب؟.
** هو في الحقيقة كما ذكرت وثيقة من أهم الوثائق الثقافية المعاصرة، ولكن ما سيكون أهم منه هو ما سيكتب بعد عشرات السنين عن "حرب الإرهاب إعلامياً"، للأسف لا أتوقع أن يخرج عمل كهذا في جيلنا، بسبب الأهمية الكبرى لسرية الحرب على المسلمين والإسلام، من خلال مؤسسات وأشخاص في كل مكان، نعم هناك قطع وأخبار وشواهد، ولكن ستكون قصة محزنة وممتعة للأجيال القادمة كيف تم العبث بالعقل الإسلامي والعربي في زماننا، وكيف تحرف الحقائق، ومن دفع لمن، وكيف تتم السيطرة على العقول والقلوب في عالمنا، كما عرفنا أخيرا عن الحرب الباردة.
أما بعض ما يتعلق بهم فكثير ينشر عندهم اليوم، وقد قرأت مقالا في مجلة "هاربر" منذ أقل من عام لصحفي يذكر فيه قصته، وكيف استأجروه ليكتب أكاذيب عن العراق! أما مسألة المصداقية، فهي في السلم تحت بعض الظروف مستحيلة، فكيف بها في زمن الحرب؟ إنها أمنية الشعوب الحرة! ذكرت الروائية البريطانية الفائزة بجائزة نوبل للعام الأخير "ليسنج"، أنها وزمرة معها كانوا يجتمعون أسبوعيا ليطلع بعضهم بعضا على أخبار الحرب التي لم تحرّفها الصحافة البريطانية في الحرب العالمية الثانية! فكيف بغير الصحافة البريطانية وفي زمن حرب كالحرب الجارية!.
* شهدت معرض القاهرة للكتاب ما هي أبرز ملاحظاتك؟
** هذه أول مرة أزور معرض القاهرة الدولي للكتاب، وكمية المعروض تسر المهتم بالكتب، ولكن قذارة المعرض كانت مرعبة، ولا تتناسب مع الحدث والموضوع، فإذا كانت أهم احتفالية ثقافية تتم في قذارة وزبالة تحيط بكل مكان فأين الثقافة والمثقفون؟. كنت أود لو أوقف المعرض لساعات ويقوم العارضون والزوار بتنظيف المكان أولا، لكان موقفا حضاريا جيدا، ثم إن النور في بعض القاعات كان ضعيفا، ويصعب رؤية عناوين الكتب من الظلام، والأسعار غالية لا تناسب حال المثقفين.
أما أنواع الكتب، فللأسف ليس هناك من عناوين مهمة تشد القارئ، وبقيت الداران الكبيرتان الشروق والعبيكان من أهم العارضين لعناوين جديدة، إلى جانب المجلس الأعلى للثقافة، ولم يظهر في الموسم من كتب ذات أهمية ملاحظة حسبما عرفت، ولا تلفت روايات الجنس والخلاعة القراء كثيرا في مصر، ربما لأنهم ملوا منها، ولكن القادمين من مناطق حرمت لزمن منها تجدهم يتهافتون عليها حتى هناك، وتجدهم يقدمون لتلك الدور نفسها التي سخرت نفسها وربحت من تدمير الأخلاق، وهي كتب يستهلكها المحرومون لزمن طويل يتهالك عليها من كان ممنوعا منها بسبب أدبي أو سياسي، ويهوي عليها المتدينون تحت ستار معرفة الآخر والمختلف والشر، بينما قد تكون الغاية والدافع واحدا للقراءة. ويأتي المتهافتون على الكتب والروايات الساقطة من فراغ سابق، فيكتسحهم أي نص، وقد يروجون لأي شيء.
* كيف ترى مستقبل الكتاب العربي؟
** هناك تحسن واضح في الكتاب العربي، ويكتنفه مشكلتان: أولاهما رسمية وهي الرقابة العلمانية والسياسية على الكتاب، فالرقابة العلمانية تحارب الكتب الإسلامية الجيدة والغربية الجيدة، وتسمح للرديء والشهواني، وثانيتهما مشكلة الرقابة الشعبية الدينية، التي تماحك في أشياء صغيرة فتمنع المجتمع والمثقفين والناس من كتب مفيدة، وهناك أسباب تعوق تحسن الكتاب ورفع مستواه، ثقافة الانحلال التي ترى أن الحرية هي البذاءة والفحش، وهبوط المستوى الأخلاقي، وهناك البساطة الدينية التي ترى نجاح الكتاب في كونه إعادة طبع لكتب قديمة ووضع اسم شيخ على غلافه على أنه عالم أو كاتب، أو ناصح، وأن الكتاب لوجه الله، ثم تجمع تبرعات لنشر الكتب الضعيفة من النوعين، تسويقا للكتاب الضعيف ودعاية صحفية مستميتة لنشر الانحلال، أو تفان ديني لنشر كتب لا تفيد؛ نعم الناس يحتاجون للكتيبات المبسطة العامة، ولكتب الأذكار ومجاميع الآداب العامة، ولكن ليست هي الكتب التي تصنع رأيا عاما ولا مجتمعا مثقفا.

الخميس، فبراير 21، 2008

Make your companion in paradise

Rabee'ah narrates:

It was the habit of the Prophet, peace be on him, that if someone did him a good turn, he loved to repay that person with something more excellent. He wanted to do something for me too in return for my service to him. So one day he came up tome and said: 'O Rabee'ah ibn Ka'b.' 'Labbayk ya rasulullah wa Sadaik - At your command, O Messenger of God and may God grant you happiness,' I responded. 'Ask of me anything and I will give it to you.' ..

I thought a little and then said: 'Give me some time, O Messenger of God, to think about what I should ask of you. Then I will let you know.' He agreed.

At that time, I was a young man and poor. I had neither family, nor wealth, nor place of abode. I used to shelter in the Suffah of the mosque with other poor Muslims like myself. People used to call us the "guests of Islam". Whenever any Muslim brought so mething in charity to the Prophet, he would send it all to us. And if someone gave him a gift he would take some of it and leave the rest for us.

So, it occurred to me to ask the Prophet for some worldly good that would save me from poverty and make me like others who had wealth, wife and children. Soon, however, I said: 'May you perish Rabee'ah. The world is temporary and will pass away. You have your share of sustenance in it which God has guaranteed and which must come to you. The Prophet, peace be on him, has a place with his Lord and no request would be refused him. Request him therefore, to ask Allah to grant you something of the bounty of the hereafter.'

I felt pleased and satisfied with this thought. I went to the Prophet and he asked: 'What do you say, O Rabee'ah?' 'O Messenger of God,' I said, 'I ask you to beseech God most High on my behalf to make me your companion in Paradise.'

'Who has advised you thus?' asked the Prophet.

'No by God,' I said, 'No one has advise me. But when you told me 'Ask of me anything and I will give to you,' I thought of asking you for something of the goodness of this world. But before long, I was guided to choose what is permanent and lasting agains t what is temporary and perishable. And so I have asked you to beseech God on my behalf that I may be your companion in Paradise.'

The Prophet remained silent for a long while and then asked: 'Any other request besides that, Rabi'ah?' 'No, O Messenger of God, Nothing can match what I have asked you.' 'Then, in that case, assist me for your sake by performing much prostration to God.'

So I began to exert myself in worship in order to attain the good fortune of being with the Prophet in Paradise just as I had the good fortune of being in his service and being his companion in this world.